لحكمة، لم يجعل الخالق سبحانه معيار الصلاح مربوطا بالعبادات فقط بل جعله معلقا على المعاملات أيضا.
إلقاء تحية السلام.. الابتسامة.. الكلمة الطيبة.. مد يد العون.. التخفيف عن المكلوم.. إطعام الطعام.. إصلاح ذات البين... ، كلها، وغيرها كثير، عناوين تربوية وإيمانية بارزة تدل على قيمة الأخلاق في دين الإسلام.
قال الله تعالى يأمرنا باختيار الكلام الحسن:
" وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن"،
وقال سبحانه يوجهنا إلى المعاملة الطيبة حتى في حال العداوة
" ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"،
وأكد عز وجل علينا حفظ الود ولو عند الفراق
" فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"..
وحين مدح حبيبه صلى الله عليه وسلم مدحه بالخلق الحسن فقال:
" وإنك لعلى خلق عظيم".
وقد جاءت السنة النبوية الشريفة حاثة على هذا المعنى مؤكدة عليه، فالقرب من الرسول الكريم في دار الخلد موقوف على دماثة الخلق
"إن أقربكم مني منزلا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا في الدنيا".
وفي الجنة غرفة يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها،
"أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام"،
فجمع، صلى الله عليه وسلم، في صفاتهم بين العبادات التي تخص الفرد والمعاملات التي تشمل المجموع. بل أخبرنا الحبيب عليه الصلاة والسلام أن
"أحب الأعمال إلى الله عزّ وجلّ سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تطرد عنه جوعا، أو تقضيعنه دينا".
أحب الأعمال.. أخلاق حسنة ومعاملات طيبة.
ليس التخلق بالأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة "مواطنة" تفرضها علينا مستلزمات التمدن، وعلامة نسجلها باسم "الديمقراطية الفردية"، وضرورة تستوجبها "حضارة المجتمع"، وفريضة يلزمنا بها "القانون"، ليست كذلك فحسب، بل الأخلاق عندنا دين من صميم العقيدة وسلوك في صلب الإسلام ومعاملات تصدِّق العبادات.
"الدين الخلق، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين"، صدق ابن القيم رحمه الله