سـِـر الـسَـعــآدة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كثيرًا ما نشتكي من زحمةِ الحياة وضَنكِ المعيشة

نشعرُ بمللٍ وضيقٍ في الصدرِ، نعيشُ بحزنٍ وبؤسٍ، ونَحمل الكثيرَ من الهمومِ والغمومِ في أعماقِ قلوبِنا

إلا من رحِمَ ربي وهدى من عباده الصالحين

إن أحوال البشر كثيرة، وتختلف أفكارهم ومبادئهم وطرقهم في عيش هذه الحياة

ولكن جميعهم، مسلم وكافر، ذكر وأنثى، شاب وهرم، معافى ومبتلى ، يتفقون ويسعون لتحقيق غاية واحدة، ألا وهي:
السعادة

فيسلك كلٌ منهم دربًا يبحث فيه عنها، ولكن أين وكيف؟ في معصية الخالق جلَ في علاه؟

كلا، فإنه يكون بهذه المعصية أول فاقد للسعادة - عافانا الله

فأين هي السعادة؟ وكيف نحصل عليها؟

هذا ما أسعى لأن أدلكم إليه

""

إن لكل شيء في هذه الحياة وظيفة خُلق من أجلها، فإن تخَلفَ عن تلك الوظيفة "هلك"

فلك مثلًا القلم والنعل، إذا قيل لك انزع نعلك واستخدم قلمك للمشي؟ ماذا ستصنع؟

والعكس إذا قيل لك، أترك قلمك واستخدم نعلك للكتابة ؟

محال، لا يمكن..

إذُا، اسأل نفسك لما خُلقت؟

يوجد الرد واضح وصريح في هذه الآية، قال تعالى: [وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ] آية 5 ، سورة البينة

إذًا خلقت لتعبد الله ،

فإن تخلفت عن تلك العبادة وألهتك المعاصي، فمن الطبيعي أن تشعر بكل ما يضيق عليك حياتك.

[وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى] آية 124 ، سورة طه

""

الآن تأمل حواسك، كلٌ منها لها وظيفة، تتمتع بها..

إن أردت أن تمتع عينيك، تنظر لشيء جميل

وإن أردت أن تمتع أذنيك، تتسمع لصوت عذب

وإذا أردت أن تمتع أنفك، تشم رائحة طيبة... وهكذا

فمن يسلك طريق المعاصي، يستخدم حواسه ليرفه عن نفسه، ولكن لا يستطيع، لماذا؟ تأمل بنفسك..

أنت أين تشعر بالضيق؟ في عينيك أم في لسانك أم في جوارحك؟

تشعر به في قلبك؛ أليس كذلك؟

فإنه من المستحيل لصوتٍ يمتع الأذن أن يمتع القلب ولا لطيبٍ يمتع الأنف أن يمتع القلب

فإن أردت أن تمتع قلبك؟ ماذا تفعل؟

قال تعالى: [اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ] آية 23 ، سورة الزمر

تلين جلودهم وماذا؟ وقلوبهم..

وقال سبحانه: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ] آية 57 ، سورة يونس

شفاء لم؟ شفاء لما في الصدور..

فما عذرك أيه المؤمن بأوضح وأصرح من هذه الآيات؟

ما هو الشيء الذي أهمك أكثر من شفاء قلبك ورضاه وصلاحه، فجعلك من الغافلين؟

ما هو الشيء الذي ألهاك عن ربك وإيمانك ومن ثم سعادتك؟ هل يستحق كل هذه المعاناة؟

[أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ] آية 21 ، سورة الجاثية

ففرق الله بين عيش السعداء وعيش الأشقياء

إن سعادتك تملئ قلبك والراحة تهنئ حياتك في حال واحد

أن يرضى قلبك ، فغذيه بالقرآن ~

يقول أحد العلماء: (... فهذا هو القرآن ، ونحن نقرؤه ، ولكن ما أخبر الله تعالى عنه من تأثير فإننا لا نجده ! فلماذا ؟

القرآن هو القرآن ، وقد وصل والحمد لله إلينا محفوظا تاما مصونا من الزيادة والنقص .

أين الخلل ؟ وأين المشكلة ؟

في كل تأثير عندنا ثلاثة أركان : المؤثر ، والمتأثر ، والموصِّل .

فالمؤثر - وهو القرآن - أثره ثابت لا نشك فيه.

بقي الاحتمال في الأمرين الأخيرين : الموصِّل ، والمتأثر .

الموصِّل : هو القراءة والتدبر .

والمتأثر : هو قلب المتلقي القارئ)

فلا بد من الإجتهاد للوصول إلى هذا الأثر ..

يقول الله تعالى : [فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا] آية 175 ، سورة النساء

(... فمتى أردت أن تدخل في رحمة الله وأن تهدى إلى الصراط المستقيم فجاهد نفسك في تدبر القرآن الكريم، وفرغ وقتك وجهدك، وركز اهتمامك على هذا الأمر العظيم)

""

كرد على من يشكي حاله ، كثيرًا ما يُنصح بقراءة القرآن والتنفل بالصلاة

البعض لا يأخذ بالنصيحة ولكن البعض الآخر يأخذ بها

لكن أغلب من يأخذ بها ويقرأ القرآن، يقرأه بنية التجربة؛ بمعنى هل يجد دواءً لسقم قلبه أم لا؟

فإما يقرأ ألفاظه فقط دون أي إدراك لمعانيه أو يقرأه ويشرد فكره بين الحين والآخر دون تركيز مستمر

والحقيقة أن هذا من عمل الشيطان والعياذ بالله، يريد أن يُنفر العبد عن كلام ربه جل في علاه

يقول أحد المشايخ: (القرآن ظاهر وباطن ، ظاهر يراه كل الناس وهو صور الحروف والسطور التي كتبت على صفحات المصحف الذي يباع في كل مكان ،

ويراه كل الناس مسلم وكافر مؤمن ومنافق بر وفاجر صغير وكبير ،

وله باطن لا يراه إلا المؤمنون الذين آمنوا بأنه كلام الله ،

وآمنوا بضرورة قراءته والقيام به فغاصوا في أعماق معانيه.)

""

فبكل هذا ، نتوصل إلى سر السعادة ..

" هو في حزب يومي تتدبر فيه القرآن في قيام من الليل "

""

ليس كل من يقرأ القرآن يحصل على تدبره ،

لكن إن صدقت مع نفسك ودعوت الله أن يجعلك ممن يتدبر القرآن ويخشع قلبه ويحصل على هداه، فهناك وسائل تعين على ذلك.

""

مفاتيح تدبر القرآن عشرة ، مجموعة في قولك: (لإصلاح ترتجِ)

(ل) لب وهو القلب: والمعنى أن حب القرآن هو المفتاح الأول لتدبر ، فالقلب هو آلة فهم القرآن، والقلب بيد الله تعالى يقلبه كيف يشاء ، والعبد مفتقر إلى ربه ليفتح قلبه للقرآن فيطلع على خزائنه وكنوزه.

(أ‌) أهداف أو أهمية: أي استحضار قراءة القرآن ، أي لماذا تقرأ القرآن ؟

(ص) صلاة: أن تكون القراءة في صلاة.

(ل) ليل: أن تكون القراءة والصلاة في ليل ، أي وقت الصفاء والتركيز.

(أ‌) اسبوع: أن يكرر نا يقرؤه كل اسبوع ، حتى لو لجزء منه.

(ح) حفظا: أن تكون القراءة حفظا عن ظهر قلب بحيث يحصل التركيز التام وانظباع الآيات عند القراءة.

(ت) تكرار: تكرار الآيات وترديدها لتحقيق مزيد من التثبيت.

(ر) ربط: ربط الآيات بواقعك اليومي وبنظرنك للحياة.

(ت) ترتيل: الترتيل والترسل في القراءة ، وعدم العجلة ، إذ المقصود هو الفهم وليس الكم ، وهذه مشكلة الكثيرين ، وهم بهذا الاستعجال يفوتون على أنفسهم خيرا عظيما.

(ج) جهرا: الجهر بالقراءة ، ليقوى التركيز ويكون التوصيل بجهتين بدلا من جهة واحدة ؛ أي الصورة والصوت.

فهذه وسائل وأدوات يكمل بعضها بعضا في تحقيق وتحصيل مستوى أعلى وأرفع في تدبر آيات القرآن الكريم ، والانتفاع والتأثر بها ، هذه المفاتيح هي التي تفتح الطريق للقرآن ليصل إلى قلب الإنسان وروحه .

""

ختامًا

عن أبي أمامة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل، قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد » أخرجه الترمذي والحاكم والبيهقي في الشعب.

وقال تعالى: [قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ] آية 10 ، سورة الزمر

أسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه

وأن يفتح على قلوبنا ويجعلنا ممن يتدبر القرآن ، ويحظى بكنوزه في الدنيا ،

ويفوز به في الجنة ،

حين يُقال: اقرأ وارتقِ ، ورتّل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها .

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ، ونور صدورنا وجلاء أحزانا وذهاب همومنا ،

ما أصبت به ، فمن الله ، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان

""

المصادر..

محاضرة (عيش السعداء) للشيخ محمد العريفي

عيش السعداء

وكتاب مفاتح تدبر القرآن والنجاح في الحياة للدكتور خالد بن عبدالكريم اللًاحم

القرآن والحياة

بجد والله يا فلوونه انا
مش لاقيه رد يوفى حق الموضوع الهايل ده ولا
يوفى مجهودك الجميل ربنا يزيدك من علمه ويوفقك
الى كل مات يحبه ويرضاه
بجد انا فى حاجة كانت محيرانى ولقيت اجابتها فى موضوعك
ربنا يخليكى لينا وتكتبلنا اجمل الايات والمعلومات

.....

هلا بسمر

تسلمين كل نستفيد من بعض في المواضيع

الف شكر لك

أرق تحيهـ

بجد فعلا االله واللهم امين ومش لاقية كلام فعلا
غير ان ربنا يزيدك فعلا ويجعله فى ميزان حسناتك
وبعدين انت كدة ايه يااحلام بتاخدى من روانا حسنات كتير
يلا ياعم مين قدك ربنا يزيدك يارب ديما